لعنة التناسخ - 309 - سيينا ميردين (5)
الفصل 309: سيينا ميردين (5)
في أحد فنادق البنتاغون، كريستينا تنظر من نافذة في جناح فاخر في الطابق العلوي حيث المدينة بأكملها تحتها مصبوغة باللون الأبيض. على الرغم من أن سكان المدينة قد إرتبكوا بسبب تساقط الثلوج غير المتوقع، إلا أن الجميع الآن في الشوارع، مستمتعين بالحدث المفاجئ.
تمتمت رايميرا من مقعدها على أريكة كبيرة: “أريد حقًا أن أرى كيف تبدو معركة بكرات الثلج.”
جالسة أمامها، مير تنظر إلى البطاقات المنتشرة أمام رايميرا وهدرت، “يمكنك أن تجربي العديد من معارك كرات الثلج كما تريدين بعد أن ننتهي من هذا.”
“الثلج لم يسقط أبدًا في قلعة التنين الشيطاني.” واصلت رايميرا التمتمة. “منذ أن ولدت هذه السيدة، لم تر الثلج قط.”
“بما أنكِ تريدين ذلك حقًا، يمكنك أن تنظري من النافذة، ألا يمكنك؟” إقترحت مير بفارغ الصبر.
“هذه السيدة لا يمكن أن تكون راضية عن مجرد رؤية الثلج من هنا.” أصرت رايميرا، “أتمنى أن أخوض معركة كرات الثلج.”
تنهدت مير، “هااااه، حقا الآن، إذا كنت تريد أن تفعلي ذلك، إذن إذهبي إلى هناك لوحدك وجربي ما تشائين.”
ردت رايميرا، “أين المتعة في محاولة خوض معركة كرات الثلج مع نفسي؟ مير، هذه السيدة تريد أن تخوض معركة كرات الثلج معك.”
“آسفة، لكنني أخشى أنني لا أستطيع فعل ذلك. قد يعود السير يوجين والسيدة سيينا في أي لحظة الآن.” تذمرت مير وهي تمد يدها ببطء نحو البطاقات الموضوعة أمام رايميرا. “لماذا لا تخبريني أين تضعين الجوكر؟”
“لا أعرف لماذا تتوقعين أن تكشف هذه السيدة عن شيء كهذا.” شخرت رايميرا.
أجابت مير بصدق: “هذا لأنني لا أريد إختيار الجوكر.”
الإثنان يركزان على لعبة الورق الخاصة بهما لفترة من الوقت الآن. في الواقع، تفضل مير أيضا الخروج مع رايميرا وخوض معركة كرات الثلج أو بناء رجل ثلج بدلًا من البقاء في هذه الغرفة ولعب الورق أو التململ مع نفسها. ومع ذلك، كما قالت للتو، شعرت مير أنه لا يمكنها الخروج الآن، خاصة مع كل توقعاتها. بدأت الشمس ببطء في الغروب. قد يعود يوجين وسيينا في أي لحظة.
أرادت مير الإنتظار بصبر في هذه الغرفة حتى تتمكن من الترحيب بسيينا ويوجين بمجرد عودتهما. على الرغم من أن خوض معركة كرات الثلج أو بناء رجل ثلج مع رايميرا قد يكون ممتعًا، إذا سمحت لنفسها بالإنغماس في هذه الأنواع من الأنشطة، ألن تصير أفضلُ ملابسها التي أعدتها خصيصا غارقة في الثلج؟
“لا يمكن أن نعرف أبدًا. قد لا يعودان اليوم.” تحدثت كريستينا، التي تنظر من النافذة، فجأة.
إنها في الواقع انيسيه.
“همم، هذا منطقي. بما أنهما قد حصلا أخيرًا على لَمِّ شملٍ مناسب بعد مئات السنين، سيكون لديهما الكثير للتحدث عنه حتى أن قضاء ليلة كاملة معًا قد لا يكون كافيًا بالنسبة لهما.” أعربت مير عن موافقتها بإيماءة وسحبت إحدى بطاقات رايميرا.
الجوكر.
“الكثير للتحدث عنه، هممم….حسنًا، أنا متأكدة من أنه سيكون هناك الكثير من هذا.” تمتمت انيسيه بتعبير متجهم بينما تجلس على الأريكة أمام النافذة.
لقد خمنت أن التواصل الجسدي هو إحدى الطرق لإجراء محادثة.
[الأخت!] إحتجَّتْ كريستينا.
سخرت انيسيه، ‘ما الذي يجعلك مفزوعةً هكذا؟ ليس الأمر كما لو أنهما طفلان. من الناحية الفنية، يبلغ عمر سيينا ثلاثمائة عام.’
[يرجى الإمتناع عن تخيل شيءٍ وقحٍ جدًا. خيالك الفاحش يجعلني أشعر بالحرج الشديد، الأخت.] إشتكتْ كريستينا.
‘كريستينا. قد تقولين ذلك، لكنني أعلم جيدًا أنكِ تستمتعين تمامًا بمثل هذه الأوهام الجامحة.’ إتهمتها انيسيه.
أصدرت كريستينا أنينًا، [رجاءً، الأخت. من فضلك لا تهينيني بمثل هذه الإدعاءات السخيفة.]
‘قد تستعملين الكلمات للكذب، لكن جسدك على الأقل صادق.’ فكَّرتْ انيسيه بشخير وهي تفتح زجاجة ويسكي تم وضعها فوق طاولة.
غلوغ غلوغ غلوغ.
سكبت انيسيه الويسكي في كوب كبير حتى أوشك على الفيضان عندما تركت كريستينا تأوهًا قصيرًا.
“توقفي عن التذمر وأُنظري في الإتجاه الآخر قليلًا، كريستينا. إذا لم أشرب في يوم مثل اليوم، متى يمكنني أن أشرب؟” قالت انيسيه وهي ترفع زجاجتها أمام تساقط الثلوج الذي أصبح الآن خفيفًا.
إعتقدت انيسيه أنها ستكون على ما يرام مع هذا، وأن هذا لن يعني لها شيئًا حقًا. ولكن الآن بعد أن حدث الأمر بالفعل، لم تشعر بالرضا.
“لم أعتقد أبدًا أنني يمكن أن أكون امرأة جشعة.” تمتمتْ انيسيه وهي ترفع كأس النبيذ الخاص بها إلى شفتيها.
لم تستطِع كريستينا أيضًا إلا أن تتنهد عند سماع هذه الكلمات.
جشع، هممم، إذن هذا هو الجشع؟ كَـقديسة وكاهنة، شعرت كريستينا أنه لا ينبغي لها أن تشعر بمثل هذه المشاعر.
بعد أن شعرت بمشاعر كريستينا، أظهرت انيسيه إبتسامةً ساخرة وهي تُقنِعُ كريستينا، ‘بما أننا بشر فقط، في النهاية، لا يسعنا إلا أن نشعر بمثل هذه الأشياء. أين يمكن أن تجدي في العالم شخصًا خاليًا حقًا من كل الرغبات والعواطف؟’
ومع ذلك، إذا إنغمس المرء فقط إلى الرغبات والعواطف، فَسَـيتحول من إنسان إلى وحش.
هذا مشابهٌ لانيسيه وكريستينا الحاليين بينما ينتظران بصبر في الغرفة، يشربان بمفردهما، حيث قاما بعمل روتيني في مجالسة هذين الصعلوكتين العجوزتين اللذين يصرخان الآن ويسحبان شعر بعضهما البعض. ومع ذلك، أجبرت انيسيه وكريستينا نفسيهما على المثابرة لأنهما بشر وليسا وحوشًا.
‘لقد حشدت سيينا بالتأكيد كل تصميمها. لقد قللت من حذري لعدم وجود أي ألعاب نارية مخططٌ لها في هذه المدينة، لكنني لم أتخيل أبدًا أنها سَـتجعل الثلج يتساقط بالفعل، فكرت انيسيه بأسف.’
حاولت كريستينا التفكير بتفاؤل، [لا أعتقد أن الثلج هو كل ما هو مميز. بعد كل شيء، ألم نر نحن والسير يوجين الكثير من الثلج في الرور لدرجة أننا سئمنا منه؟]
‘الثلج الذي رأيناه آنذاك والثلج المتساقط الآن يحملان معانٍ مختلفة تمامًا.’ جادلت انيسيه، ‘أولًا، الآن، ألا يشاهد يوجين وسيينا تساقط الثلوج هذا لوحدهما؟ أيضًا، هذا ليس مثل العواصف الثلجية الثقيلة التي قصفتنا بجنون عندما كنا في الرور؛ هذا الثلج الخفيف يبدو في الواقع جميلًا جدًا.’
حاولت كريستينا الدفاع عن وجهة نظرها، [بغض النظر عن كيف أنظر إليه، لا يزال هذا الثلج مشابهًا—]
لكن انيسيه قاطعتها بغضب، ‘لا، الأمر ليس متشابهًا. كشخص من هذا العصر، ألا يمكنكِ أن تكتشفي مثل هذا الشيء البسيط بنفسك؟ بعد ثلاثمائة عام، تم أخيرًا لم شمل رجل وامرأة بشكل صحيح! ينظران إلى بعضهما البعض بينما يتساقط الثلج الأبيض بشدة من حولهما!’
تلعثمت كريستينا، [مـ-مع ذلك، سيدة سيينا هي التي إستدعت هذا الثلج….]
تنهدت انيسيه، ‘نعم، لم أكن أتخيل أبدًا أن سيينا يمكنها التفكير في مثل هذه الخطة المعقدة والماكرة. فكري في الأمر بعناية، كريستينا. ماذا سَـيحدث عندما نكون في الخارج تحت هذا الثلج؟’
لم تعرف كريستينا الإجابة الصحيحة على مثل هذا السؤال الواضح على ما يبدو. لذلك لم تفكر كثيرًا في الأمر وأجابت فقط بما تبادر إلى ذهنها.
[إذا كنا في الخارج تحت هذا الثلج….ملابسنا سوف تبتل. سوف يبرد جسمنا أيضًا….] أجابت كريستينا ببطء.
‘هذا صحيح!’ قالت انيسيه. ‘سواء كنت إنسانًا أو وحشًا، فسوف تبتل عندما تكون في الثلج. الهواء بارد، وعندما تهب الرياح، فَسَـيكون الشعور بالبرد أقوى. قد تصاب بنزلة برد إذا شعرت بالبرد الشديد أثناء إرتداء ملابس مبللة.’
[هذ-هذا….البرد ليس مرضًا يجب الإستخفاف به….] بدأ صوت كريستينا يهتز.
ببطء شديد، بدأت كريستينا في ملاحظة ما تحاول انيسيه الوصول إليه.
إزداد غصب انيسيه بشكل متزايد أثناء حديثها، ‘إذا كانت الملابس مبللة وتشعر بالبرد، فعندئذ سواء كنت إنسانًا أو حيوانًا، فستبذل قصارى جهدك للخروج من هذا الموقف! هذا يعني أنك سَـتحتاج إلى العثور على بعض الدفء والحرارة! هناك طريقة واحدة للقيام بذلك وهي الخروج من الريح وإلى غرفة ساخنة لطيفة. ثم تقوم بإزالة ملابسك المبللة وتفعل شيئًا لتسخين جسمك! وهنا، ما الفرق بين البشر بلا ملابس والوحوش الذين يتجولون عراة؟!’
كراك!
تحطم كأس النبيذ في يد انيسيه.
[وقح، كم هذا وقح!] صرخت كريستينا داخل، غير قادرة على الهدوء لفترة أطول.
عندما حطمت انيسيه الكأس بيديها العاريتين، وبدأ كتفيها يرتعشان، بدأت مير ورايميرا، اللذان كانا يتشاجران ويسحبان شعر بعضهما البعض بينما يتهمان بعضهما البعض بالغش عن طريق تبديل البطاقات سرًا، في التشبث ببعضهما البعض بدلًا من ذلك وهما يهتزان بخوف.
إنفجر باب الغرفة المغلق فجأة. انيسيه، التي لم تحصل على الوقت للتفكير في تنظيف يديها المبللتين بالنبيذ، أدارت رأسها نحو الباب. كان الباب مغلقًا بالطبع، وليس لدى انيسيه ويوجين سوى مفتاح غرفتهما.
“همم؟” همهمت انيسيه بفضول.
مع تورم نصف وجهه بشكل مؤلم، يوجين هو الذي فتح الباب وهو يدخل الغرفة الآن. ليس خده فقط هو المنتفخ. أصيبت المنطقة المحيطة بعينه بكدمات وشفتاه متشققتان.
عندما يتعلق الأمر بأساليب العنف، انيسيه خبيرة. لقد خمنت بسهولة نوع الهجوم الذي تسبب في إفساد وجه يوجين.
يجب أن تكون هذه صفعة قوية للغاية على خده الأيسر. كف اليد، الذي تكون مساحة تأثيره عادةً أوسع من القبضة، أثرت على الجانب الأيسر من وجهه بالكامل.
“فاعل الخير!” صرخت رايميرا.
بعد أن أخرجها يوجين من معدة رايزاكيا، لجأت رايميرا إلى مناداة يوجين بفاعل الخير.
“سيدي يوجين!” أطلقت مير أيضًا صرخة متفاجئة في نفس الوقت. “سيدة سيينا!”
تحول صراخها بسرعة من التفاجئ إلى الفرح. هذا لأن سيينا قد تبعت يوجين المُنكَمِش إلى الغرفة. قفزت مير عن الأريكة وركضت نحو سيينا.
“لا بأس، لا بأس.” غمغمت سيينا وهي تنظر إلى مير بعيون مُحبة وتربت على رأسها بينما تعانق مير خصر سيينا.
ثم رفعت سيينا رأسها قليلًا لتنظر حول الغرفة.
نهضت المرأة التي بدت مشابهة لانيسيه من الأريكة بتعبير مفاجئ. لو إضطرت سيينا إلى إنتقاء الإختلافات، فإن الاختلافات الوحيدة التي لاحظتها هي شكل عيون كريستينا والشامة تحت عينها. لكن النظرة من تلك العيون العريضة لم تبدُ غير مألوفة لها.
سألت سيينا بحذر، “انيسيه؟”
“….سيينا….” نادت انيسيه بإسم سيينا بصوت مرتجف.
إبتلت عيون سيينا بالدموع. عندما نادت بإسم انيسيه، إضطرت أيضًا لقمع الإرتجاف القوي في صوتها.
في الواقع، قبل وصولها إلى هنا مباشرة، كانت سيينا تنوي بدأ مهاجمة عيوب انيسيه. لديها شكاوى كبيرة ضد هذه المرأة الماكرة التي تشبه الأفعى والتي إستغلت غياب شخصٍ معينٍ نصف ميت ومحاصر داخل ختم. بغض النظر عن مدى تفكير سيينا في الأمر، بدت تصرفات انيسيه جبانة وحقير معها.
ومع ذلك، الآن بعد أن رأت انيسيه شخصيًا، مع هذا التعبير على وجهها، وسمعت صوتها، ناهيك عن خوض معركة، إمتلأ خدا سيينا بالدموع.
“أنيسيييييية….”
“سيينااااااا….”
في النهاية، إنفجرت المرأتان في البكاء وهما يناديان أسماء بعضهما البعض.
إلتقطت سيينا فجأة مير، التي لا تزال معلقة من خصرها ومرت بجانب يوجين. كما تقدمت انيسيه إلى الأمام لمقابلتها أثناء مسح النبيذ الذي غمر يدها.
توقفت سيينا وانيسيه لِـلحظة بمجرد أن صارا أمام بعضهما البعض. ثم، دون أن يتمكن أي شخص من معرفة من بدأ أولًا، إحتضن الإثنان بعضهما البعض بإحكام. غير قادرة على الهروب في الوقت المناسب، دُفِنَتْ مير بين سيينا وانيسيه.
كافحت مير بشكل مؤلم للهروب من الضغط الذي يحاصرها من كلا الجانبين، لكن سيينا وانيسيه لم ينتبها لها وهما يبكيان ويحتضنان بعضهما البعض.
“أنت، هل أنتِ حقًا انيسيه؟” سألت سيينا.
“نعم، أنا كذلك. قد يكون الجسد مختلفًا، لكنها حقًا أنا.”
“هذا يشبه الحلم حقًا….أن أكون قادرةً على مقابلة الميت، هكذا، مرةً أخرى.” بكت سيينا.
“إنه ليس حلمًا، سيينا.” صححتها انيسيه. “هذا بالتأكيد حقيقة واقعة. إذا توجب أن نسمي هذا بشيء، فَـيمكنك أن تسميها معجزة محظوظة منحها لنا الإله.”
لا تزال عالقة بينهما، بدأ تخبط مير يتوقف ببطء.
داعبت انيسيه خدي سيينا بكلتا يديها وهي تبتسم وتقول، “….أنا لست الوحيدة التي تمكنت بشكل مدهش من العودة. لقد نجوتِ أيضًا، والآن يمكنني مقابلتكِ بهذه الطريقة. على الرغم من مرور مئات السنين منذ آخر لقاء لنا….”
قالت انيسيه فقط ما يدور في ذهنها دون أي نوايا خفية أخرى.
ومع ذلك، عند سماع هذه الكلمات، إرتعشت خدود سيينا.
زعمت سيينا: “صحيح أن مئات السنين ربما مرت، لكن جسدي لا يختلف عما كان عليه قبل مئات السنين.”
“هاه؟” استجاب انيسيه في ارتباك.
“لقد أعدت بناء جسدي بالكامل بإستخدام السحر.” أوضحت سيينا: “أنا في مقتبل حياتي، بنفس المظهر الشبابي الذي كنت أمتلكه في ذكرياتك. على الرغم من مرور مئات السنين، إلا أن هذا لا يزال يعني أنني لم أتقدم في العمر على الإطلاق.”
للحظة، لم تستطع انيسيه فهم ما تعنيه سيينا بهذه الكلمات ولم تستطِع فعل شيء سوى أن ترمش بإرتباك. لكن سرعان ما أدركت انيسيه ما تلمح إليه سيينا. إنتشرت ابتسامة رقيقة على وجه انيسيه وأومأت برأسها ببطء.
“هذا صحيح.” وافقتها انيسيه. “على عكسي، أنا التي ماتت وفقدت جسدها، لا يزال لديكِ جسدك، سيينا.”
قالت سيينا بتعجرف: “إنه أمر محزن، لكن هذا هو الحال بالضبط.”
arnovel.meإختلفت انيسيه، “لا، لا داعي للحزن حيال ذلك. لأن الجسد الذي أسكن فيه الآن هو تقريبًا نفس الجسد الذي إمتلكته عندما كنت على قيد الحياة. أيضًا، هذا جسم حقيقي يبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عامًا ولم أضطر أبدًا لإعادة البناء السحري.”
“ثلاثة وعشرون عامًا؟ لذا فأنتِ أكبر من يوجين.” أشارت سيينا.
“الآن بعد أن ذكرتِ ذلك، هناك فرق عامين. ولكن إذا توجب تصنيف الأمر هكذا، فنحن الإثنان في أوائل العشرينات من العمر.” جادلت انيسيه مرة أخرى.
“هل عمر الجسم مهم حقًا عندما نكون، في جوهرنا، نبلغ من العمر مئات السنين؟” أصرت سيينا.
“ألا تظنين أنه من الغريب أن نحسب السنوات عندما كُنتُ ميتة كجزء من عمري؟” دحضتها انيسيه. “أيضًا، بغض النظر عما يكون في الصميم، ما زلتُ أعتقد أنه من الأفضل ألَّا عمر الجسد مئات السنين، أليس كذلك؟”
“ألم أقُل أنني قد أعدت بناء جسدي بطريقة سحرية؟” كررت سيينا كلامها السابق بفارغ الصبر.
تصرفت انيسيه ببراءة، “يا إلهي، لم أقصد إستهدافك على وجه الخصوص عندما قلتُ ذلك، سيينا، ولكن يبدو أنني قد طعنت نقطة مؤلمة؟”
لم تعد سيينا وانيسيه يبكيان بعد الآن. الإثنان يتبادلان الآن النظرات بعيون ضيقة. لقد إحتضنا بعضهما البعض ولكن سرعان ما إفترقا حيث تراجع كلاهما خطوة إلى الوراء.
تخبط!
مير، التي كانت محاصرةً بينهما، سقطت على الأرض.
“أنتِ أيتها الكلبة العاهرة!” فجأة أطلقت سيينا صرخة وهي تمسك بانيسيه من شعرها.
حتى لا يُتَفَوَّقَ عليها، أمسكت انيسيه أيضًا بشعر سيينا، “أنت أيتها الشجرة القديمة الداعرة!”
لم تتراجع سيينا، “كيف تجرؤين على التحرك قبلي؟! لقد سمعت كل شيء عن ذلك! لقد سرقتِ شفاه هامل — يوجين!”
“أنتِ لستِ طفلةً بعد الآن، إذن لماذا تسحبين شعر صديقتكِ لمجرد أنها حصلت على قبلتها قبلك؟!” صرخت انيسيه.
تمتمت سيينا، “لم تكن مجرد قبلة! لقد سمعت القصة كاملة! عندما سرقت شفاه يوجين، سرقت قبلته الأولى!”
سخرت انيسيه، “هل يمكن أن تكوني طفلة بالفعل؟ ألا تعلمين أن ذلك الوغد هامل كان من النوع الذي يفعل كل شيء وأي شيء خلال فترة عمله كمرتزق!”
“لماذا يجب أن يهم ذلك؟” أصرت سيينا بعناد. “هـ-هذا كل شيء في حياته الماضية! أيضًا، كان كل المرتزقة هكذا! على الأقل لم يفعل هذا النوع من الأشياء بمجرد أن إلتقى بنا! الماضي ليس مهما؛ بل الحاضر! الحقيقة الحيوية في الأمر هي أنكِ أخذتِ قبلة هامل الأولى الحالية!”
“هل حقيقة أنها قبلة هامل الأولى هي الشيء الوحيد المهم الذي يجب مراعاته؟! كانت تلك أول قبلة لي أيضًا. وهذا يعني أنها أيضا أول قبلة لمالك هذا الجسد، كريستينا!” إعترفت انيسيه.
عند سماع هذه الكلمات، إرتفعت حواجب سيينا. ثم بدأت حتى في إستخدام يدها الأخرى لشد شعر انيسيه.
“هذا يعني أنكم جميعًا تبادلتم قبلاتكم الأولى معًا! أنا الوحيدة التي سُرِقَتْ منها قبلتها إذن!” إشتكت سيينا.
“سُرِ—قت؟ هل قُلتِ أنها سُرِقَتْ؟! هل هذا يعني أن هامل هو الشخص الذي بدأ القبلة شخصيًا؟!” إتسعتْ عيون انيسيه بغضب حيث بدأت أيضًا في الإمساك بشعر سيينا بكلتا يديها.
“هذا صحيح، لقد سُرِقَت!” أكدت سيينا بفخر. “هل هذا يجعلكِ تشعرين بالغيرة؟ هاه!”
سخرت الانيسيه، “أنا لستُ غيورة، ولا حتى قليلًا! من الأفضل أن يسرق المرء القبلة بدلًا من أن تُسرقَ منه. لهذا السبب أنا من قام بالسرقة! قبل أن تتمكني!”
لعنت سيينا، “لماذا لا تختفين بالفعل، أيتها الشبح!”
“أغلقي فمك. رائحة أنفاسك مثل جذور الأشجار الفاسدة!” صرخت انيسيه مرة أخرى.
بدأ يوجين ببطء يقترب من المرأتين اللتين ما زالتا تمزقان شعر بعضهما البعض.
حاول التدخل بخوف، “امم….لا يهم كم أنتما غاصبان، ألا تظنان أنكما قاسيان جدًا بكلماتكما هذه….؟”
هدر كلاهما بغضب، “ماااااذا؟”
“أعني، أن تخبريها بأن تختفي….أليس هذا قليلًا—”
“يوجين! هل أنت حقًا تنحاز إلى انيسيه وأنا موجودة هنا؟!” إتهمته سيينا.
“إنتظري، من فضلك، إستمعي فقط حتى أنتهي من الحديث!” إقترح يوجين. “هذا ينطبق عليكِ أيضًا، انيسيه. ما قلتِهِ لسيينا كان وقحًا جدًا. رائحة سيينا لا تشبه رائحة الجذور الفاسدة على الإطلاق.”
من الأساس، كيف تبدو رائحة جذور الأشجار الفاسدة؟
دافعت انيسيه عن نفسها، “سيينا هي التي أهانتني أولًا! سيينا هي أيضًا التي بدأت في شد شعري أولًا. هامل، فقط فكر في الأمر بوضوح. الشعر الذي إنتزعته سيينا الآن ليس شعري ولكن شعر كريستينا، ما هي الجريمة التي إرتكبتها كريستينا لتستحق مثل هذا الإذلال!”
[الأخت، دعينا نجعل تلك الساحرة الشريرة صلعاء.] ردت كريستينا على غضب انيسيه بِـنيةٍ متعطشة للدماء.
“توقفا، توقفا!”صرخ يوجين، ودفع رأسه بينهما بينما بدأت انيسيه وسيينا في تمزيق شعر بعضهما البعض مرة أخرى. “لستما بحاجة إلى القيام بذلك. لماذا لا تمزقان شعري بدلًا من ذلك! فقط خذا حياتي!”
“حسنًا، أنت يا إبن العاهرة! لقد توصلت أخيرًا إلى فكرة جيدة.” هدرت سيينا، وكما لو كانت تنتظر الفرصة فقط، تركت شعر انيسيه وبدأت في شد شعر يوجين بدلًا من ذلك.
“هامل! إذا قلت شيئًا من هذا القبيل، هل تعتقد حقًا أنني لن أفعل ذلك؟” صرخت انيسيه وبدأت على الفور في شد شعر يوجين.
بدأت أربعة أيدي في تمزيق بقع شعر يوجين في وقت واحد.
“مت، أيها الوغد المجنوووووون!”
“أنت أيها الداعر اللعيييييين!”
إنتشر شعر رمادي ممزق على الأرض. عند هذا المنظر، تكورت رايميرا في على الأريكة وبدأت تهتز خوفًا. يبدو أن مير، التي إستعادت وعيها في مرحلة ما، أصبحت غاضبة كما بدأت أيضًا في الضغط على ساق يوجين وعضها.
أثناء تلقي هذا الهجوم، لم يطرح يوجين أي شكل من أشكال المقاومة. بدلًا من ذلك، بدا تعبيره سلميًا كما لو أنه يتمشى فقط تحت أشعة الشمس الدافئة.
‘هذا صحيح، هذا جيد.’ فكَّر يوجين.
بعد كل شيء، سوف ينمو الشعر الممزق مرة أخرى.
تجاهل يوجين العذاب الذي يمكن أن يشعر به من فروة رأسه، وأغلق عينيه.
— — —