معركة الرايخ الثالث - 90 - قوة الظل
المجلد 4 | الفصل العاشر | قوة الظل
.
.
“تايفر، هل يمكنك أن تضمن لي أن ما قلته للتو صحيح؟” نظر شي جون إلى ضباطه الذين إنفعلو بعد سماع إجابة تايفر، ثم حدق في تايفر وسأل ببرود.
“بالطبع كل ما قلته صحيح. لكن بعض ما قلت مبني على تخميناتي الشخصية من ردود أفعالهم الغريبة قبل الحادث وبعده. ولست متأكدًا ما إذا كان هذا صحيحًا أم لا. كل شيء يعتمد على بصيرتك وقرارك سعادة نائب الفوهرر” رد تايفر بتواضع.
أومأ شي جون برأسه ، ثم قال لتايفر بابتسامة: “إذا كانت تكهناتك صحيحة ، فهذه بالفعل مؤامرة مخزية ضد الحزب، إنه فخ حقير ، كل المشاركون يعدون متمردين، هذه هي ثاني مؤمرة من هذا النوع بعد تمرد روم في تاريخ الرايخ الثالث، ولكن مهما إختبأ هؤلاء الخونة عميقا. فهم ما زالوا يظهرون أقدامهم، تايفر ، لقد ساهمت كثيرا في هذا الحدث لكن لا شيء يمنعك من التكفير عن ذلك. إذا استطعت أن تنتهز هذه الفرصة للقضاء على شبكة المؤامرات هذه دفعة واحدة ، فسأقدم تقريرًا شخصيًا إلى الفوهرر وأنسب الفضل لك فيه”.
“شكرًا جزيلا لك نائب الفوهرر على لطفك!” كان تايفر سعيدًا جدًا بالتغيير المفاجئ في موقف نائب الفوهرر معه بمقدار 180 درجة ، وسرعان ما وقف وأعرب عن امتنانه. أخيرًا زفر تايفر بإرتياح، وكان سعادة نائب الفوهرر مهتمًا حقًا بالمؤامرة المحاكة ضده، ورهانه هذه المرة كان صحيحًا.
أومأ شي جون برأسه إلى تايفر ، ثم حدق بهدوء في الطاولة وبدأ في التأمل. كان ضباطه غاضبين منذ فترة طويلة بعد سماعهم كلام تايفر ، تجرأ أحدهم على مهاجمة نائب رئيس دولة ألمانيا! أعظم عبقرية عسكرية في الجيش الألماني ، وبدا أن هؤلاء الضباط كانو مكبوتين للغاية. لقد أرادوا فقط التعبير عن آرائهم لـ شي جون، لكن عندما وجدوا أن نائب الفوهرر كان غارقا في التفكير مرة أخرى ، أغلقوا أفواههم واحدًا تلو الآخر ، خوفًا من قطع حلقة أفكار نائب الفوهرر العبقري.
لم يظن أحد أن شي جون الذي بدا عليه أنه يفكر بجدية على السطح ، كان في الواقع سعيدًا بما ألت إليه الأمور ، فقد تحقق نصف خطته ، وانطلاقا من الوضع الحالي ، فإن كل الظروف والأدلة في صالحه.
بالإضافة إلى التخطيط الدقيق ، فإن أهم عامل لتحقيق النتيجة الحالية كان الحظ ، والآن يبدو أن حظه كان جيد حقًا. بالطبع ، يتطلب تحقيق كل هذا أيضًا قوة كافية ، ولحسن حظه شي جون أيضا، كانت لديه هذه القوة.
من وجهة نظر خارجية ، كان راينهاردت فون شتايد يعد شابًا عبقريًا ، شابًا محظوظًا ومخلصا وثق به هتلر أكثر من أي شخص اخر، لكن قلة من الناس رأوا الوجه الحقيقي لهذا الشاب ، وأقل منهم فهموا القوة التي يمتلكها حقًا.
فقط قادة الدائرة الداخلية للحزب النازي هم من يعرفون قوة هذا النبيل الشاب الودود على السطح.
إذا جاز التعبير ، يعتقد الكثيرون ان نصف فضل وقوف هتلر حيث كان الآن يعزا إلى ذكاء هذا الشاب، وبقدراته التنظيمية والتحريضية الرهيبة ، ساعد هذا راينهاردت فون شتايد الرئيس الألماني في التغلب على العشرات من الصعوبات المتعلقة بحياة وموت الحزب النازي. وبعد “ليلة السكاكين الطويلة” الدامية ، أدرك هؤلاء القادة أخيرًا نوع وحقيقة القوة التي يمتلكها هذ الشاب ، كانت تلك القوة المرعبة قوة تتربص الظلام.
بينما كان جميع قادة الحزب النازي لا يزالون يناضلون من أجل مناصبهم وسلطتهم، كان هذا الشاب العبقري يبني سرًا قوته الخاصة به ، ونشرها في كل ركن من أركان الدولة الألمانية الحديثة.
لا أحد يعرف عدد هؤلاء الأشخاص الذين زرعهم راينهاردت في الظل أو عدد الوحدات تحت سيطرته. على الرغم من أن سلوكه لم يكن مسموحًا به في ظل دكتاتورية ألمانيا النازية ، ومع كون القادة النازيين الآخرين في ذلك الوقت كانو يدركون وضع هذا الشاب لأعوانه في مراكز السلطة، لكن أحد لم يعترض على عمل هذا الشاب أو يحاول إتهامه بذلك، ولكن عندما أدركو وجود فأران لراينهاردت بين أتباعهم، كان الأوان قد فات بالفعل، وكان هؤلاء “الأساقفة” ، كما أطلق عليهم قادة الحزب النازي مختبأين مثل النمل في كل الأماكن ، منخرطين بعمق بالفعل كل ركائز الدولة، لا أحد يعرف من هم هؤلاء “الأسقف” ، لكن وجودهم أصبح من المسلمات.
لا أحد يستطيع الحصول على الدليل ملموس على دعم راينهاردت لرفاقه للسيطرة على مؤسسات ألمانيا ، لأن الشرطة السرية الألمانية “الجستابو” المسؤولة عن التحقيق وجمع الأدلة من هذا النوع، كان يعتقد انها قد وقعت بالفعل في أيدي هذا الشاب هي أيضا، لدرجة ان بعض الشائعات تقول أن وكيل الجستابو كان هو أيضا “أسقف” تابع لراينهاردت، لا أحد يعرف تحديدا، لكن ما عرفوه هو أن كل قادة الجستابو الذين يحاولون التحقيق سرا في نشاط نائب الفوهرر و مرؤوسيهم، سينتهي أمرهم بشكل غامض، وطالما أن التحقيق يشمل نائب الفوهرر راينهاردت ولو في سطر واحد ، فستكون المعلومات فيه هي نفسها تلك التي تنشر في الصحف العادية، ولا تشمل أي معلومات حساسة، ومن الطبيعي لوكيل الجستابو الذي يمكنه معرفة لون الملابس الداخلية التي يرتديها جوبلز اليوم أن يخطئ في لون باب غرفة نوم الفوهرر غدا، سيتم توبيخ وتحذير وكيل الجستابو لسبب غير مفهوم من قبل الفوهرر نفسه ، وبعد ذلك ستظهر الكثير من الثغرات والفضائح عن عديد من الشخصيات النازية الكبيرة، وفي النهاية سيكون هناك اشخاص جدد في معسكرات الجستابو بلا اسماء ولا ملفات، مجرد سجناء مرقّمون في الحبس الانفرادي.
كشف صديق الفوهرر الأشقر الصغير عن رعبه الحقيقي في كامل مجده امام قادة الحزب النازي في “ليلة السكاكين الطويلة”. مما ترك عليهم إنطباعا أبديا، فأثناء مساعدته لهتلر في تطهير روم وقوات العاصفة، قام أيضا في نفس الليلة بتطهير عام لجميع قادة الحزب النازي الذين علموا بوجود “الأساقفة” والتفاصيل المرتبطة بهم، وتم تجريد هؤلاء ، بما في ذلك أصدقائهم ، من قمصانهم في مراكز المدن في جميع أنحاء ألمانيا ، وشُنقو أحياء تحت أنظار جميع أعضاء الحزب النازي المحليين بتهم التمرد والخيانة.
نتيجة لذلك ، تخلى معظم قادة الحزب النازي عن فكرة معارضة الشاب ذي الأساليب الشريرة الذي يلقبه البعض “مبارك الله” ، كما جعلهم سلوك راينهاردت في الأيام اللاحقة يشعرون أن عدم معارضته كان بالفعل الخيار الأكثر حكمة.
الشيء الأكثر إثارة للدهشة هو أن هتلر ، الفوهرر الألماني ، لم يكن يعلم أي شيء عن هذا الأمر من البداية إلى النهاية، لقد ابقاه راينهاردت مضللا تماما، ولم يخبره أحد عن سلوكيات الشاب الذي وثق به والتي اعتُبرت تمردًا صريحا على سلطته ، كان ذلك لأن لا أحد يستطيع ذكر دليل واحد على هذه الأشياء. ولا أحد يريد أن يخاطر بمواجهة رعب هذا الشاب العبقري، فأي معارضة له كانت سلوكا غبيا. وبحث عن الدمار، وهو ما اثبتته العديد من المحاولات السابقة.
وهكذا ، بعد فترة زمنية ، أصبح وجود “الأسقف” سرًا خاصًا يحتفظ به كبار القادة النازيون لأنفسهم ، وهو سر قرروا الاحتفاظ به معهم إلى الأبد حتى القبر.
الآن ورث شي جون كل القوة التي أسسها جاك، بما في ذلك الخيوط الهائلة التي حاكها في الظل. عندما وجد معلومات عن هؤلاء “الأساقفة” من ذاكرة جاك ، كاد لا يصدق هذا القدر من المكائد الماكرة والدهاء. هؤلاء الأساقفة هم جميعاً مشرفون وقادة رئيسيون في أقسامهم ومجالاتهم، وهؤلاء افراد لديهم ما يكفي من الحكمة والقوة لتمكينهم من السيطرة على تلك المجالات. هؤلاء الأشخاص جميعهم موهوبون ومتميزون ، وهم مخلصون فقط لرينهاردت فون شتايد وحده لدرجة تشبه العبادة، لأنه لولا حماية راينهاردت ودعمهم لهم ، لكانوا قد سُجنوا في معسكرات الاعتقال أو أُعدموا مباشرة، كان لكل منهم قصة، لكنهم جميعا امنو من اعماق قلوبهم براينهاردت.
ولهذا السبب نفسه لم يكن لدى الكثير منهم مشاعر طيبة تجاه الحزب النازي. ربما لهذا السبب اختارهم راينهاردت -جاك- لتشكيل قوة مخلصة له ولألمانيا فقط، يبدو أن “جماعة النسر” كانت قلقة بعض الشيء بشأن مؤهلات هتلر ، ومن الواضح أن جاك قام بذلك كتحضيرات إحتياطية ليحل محل لهتلر إذا لزم الأمر. لكن حتى ذلك الحين، كان يحتفظ بهذه القوة لدعم هتلر.
لكن كل الجهود المضنية لهذا الرجل الاصطناعي قد تبخرت، وأصبحت الآن ثمار ناضجة امام شي جون.
عندما حصل شي جون على قوة الظل هذه، قرر الاستفادة منها بأفضل شكل ممكن.
لقد أراد إخراج هذه القوة للنور ، وستعمل هذه القوى على تأسيس العهد الذي يريده، لم يكن ليتخيل هتلر أن حزبه النازي يُستخدم لإسقاطه. لم يستطع شي جون التحكم في الإثارة التي شعر بها عندما فكر في ذلك.
كانت له عدة دوافع لزيارة وارسو، من ضمن هذه الدوافع تجربة استخدام قوة الظل تحت يده ، وتجربتها في تحدي حقيقي الوحش الشرس – الحزب النازي. لم يكن شي جون متأكدا بعد من ما إذا كان سينجخ في ترويض هذا الوحش الجبار، أو سيتم إبتلاعه من قبل هذا الوحش، ولكن من أجل تحقيق رغبته قرر تحمل المخاطر.
بالتفكير في ذلك. نظر شي جون حوله ولا يزال يحتفظ بتعبيره الحازم، رفع رأسه ثم سأل ببطء : “ما رأيكم في ما قاله تايفر؟”
“جنرال، أعتقد أن ما قاله تايفر قد يحمل بعض الصحة، انطلاقا من الدلائل التي لدينا، يبدو أن بالأمر مؤامرة حقا، وهي مؤامرة محاكة ضدك. هذه جريمة لا تغتفر. نعتقد أنه يجب عليك استخدام قوة جيشنا لمعاقبة هؤلاء المتآمرين، طالما أصدرت أمرًا ، سأذهب إلى الجبهة الفرنسية على الفور وجلب فرقة المشاة السابعة بأكملها عند قدميك للقضاء على هؤلاء الأوغاد الذين هددو سلامتك”.
“نعم سعادة الجنرال، كلنا نعتقد ذلك، أرجوك فقط فقط أن تأذن لنا بذلك!”. صرخ الضباط الآخرون بحماس.
لم يكن هناك سوى أربعة أشخاص على الطاولة لم ينطقو. أحدهم هو هانس، الذي جلس هناك مع تعبير محايد وكان يفكر في المشكلة بهدوء، بصفته مساعدًا ، فهو مسؤول عن دعم قرار قائده. وهو الآن يحسب المكاسب والعواقب التي ستحدث إذا تبنى شي جون آراء هؤلاء الضباط المتعصبين.
الاثنان الآخران هما دوجان وراندولف. لا يمكن للاثنين سوى الجلوس هناك والنظر إلى ضباط الجيش المنفعلين في صمت. نظرًا لأن هذا الأمر يتعلق بقوات الأمن الخاصة ، فلن يعربو عن أي رأي حتى يصدر نائب الفوهرر أمرًا رسميًا..
الأخير هو تايفر، الذي شعر أنه يشبه الفأر في قصف النمور الغاضبة. إنه الآن ينظر في رعب إلى ضباط الجيش الغاضبين الذين يطالبون بدك مدينة وارسو بأسرها على رؤوس المتآمرين إنتقاما لقائدهم، فهم الآن فقط حجم مكانة نائب الفوهرر في الجيش. الآن لم يكن يجرؤ على التعبير عن رأيه على الإطلاق. كان خائفا من أن كلمة تخرج من فمه قد تغضب ضباط الجيش المتعصبين هؤلاء الذين كانو غاضبين أصلا، من ما يدفعهم إلى تمزيقه قبل أن ينهي حديثه. وهو ما بدا عليهم أنهم سيفعلونه.
“هناك بالفعل مؤامرة هنا ، لكن ما أريد أن أعلنه هو أن الجستابو لم يشاركوا في هذه المؤامرة ، لقد تلقوا أمري بمجرد وصولنا إلى وارسو ، وكنت من أمرهم بأن لا يكشفو عن حقيقتنا تحت أي ظرف من الظروف. كما أرسلوا أشخاصًا ليراقبوا كل الشخصيات المشبوهة من حولنا. ولقد أبلغوني قبل وقت طويل عن تخطيط تايفر لمداهمة الفندق حيث أقيم، ولهذا السبب استدعيت الجميع إلى الصالة الكبيرة”.
بعد سماع كلمات شي جون ، فوجئ الضباط. اتضح أن الشرطة السرية كانت تقف إلى جانب جنرالهم. لا عجب أن جنرالهم أعد نفسه قبل أن يقود ذلك المقدم الغبي الهجوم.
“حتى في الظروف العادية، لا داعي للشك في الجستابو. فقبل كل شيء، أنا أكون نائب فوهرر ألمانيا والزعيم الوطني للحزب النازي. ومن مسؤوليتهم تنفيذ أوامري وحماية سلامتي. ثم نأتي إلى تلك العلامات المشبوهة من تلك الأقسام الأخرى. لم تفصح قيادة الجيش والقيادة العليا عن هويتي أيضا بسبب طلبي ، لذا فإن رد القيادة العليا مفهوم. لكن هناك خطأ ما في رد قيادة الجيش ، لا أدري لماذا أبلغوا تايفر بأنه لا توجد مجموعة سياحية خاصة لفرقة المشاة العاشرة. الآن هناك احتمالان ، أحدهما هو أن ضابطًا لم يكن على علم بالأمر كان في الخدمة ساعة إستفسار تايفر ، والآخر هو أن شخصًا ما في الجيش تم شراؤه وشارك في المؤامرة، لكنني أعتقد أن هذا الاحتمال صغير جدا ، لا ينبغي للجيش الألماني المجيد أن يشارك في أي مؤامرة متواضعة كهذه، لكن لا داعي للقلق، فإنها مسألة وقت قبل أن يتم الكشف عن هذه المشاكل عندما نعود إلى معسكر القاعدة ، والآن يمكن اعتبار هذه مجرد تخمينات” عندما قال شي جون هذا ، أومأ ضباط الجيش بالموافقة. كانوا سعداء وفخورين بثقة قائدهم في الجيش.
ومضى شي جون في قوله :” بعد الاستماع إلى ما قاله تايفر ، أعتقد أن أكثر ما يثير الريبة هو رد فعل قيادة قوات الأمن الخاصة في وارسو ، لقد أخبرت هيملر أنني سأحضر إلى وارسو قبلها ببضعة أيام ، لذلك من المستحيل على القائد العام هنا ألا يتلقى إشعار من هيملر. من وجهة النظر هذه ، يجب أن يكون الخطأ في كبار قادة قوات الأمن الخاصة في وارسو، ومن المحتمل جدا أنهم العقل المدبر الحقيقي وراء هذه المؤامرة. وبالحديث عن ذلك…”
التفت شي جون إلى تايفر وسأل : “المقدم تايفر، عليك أن تخبرني بصدق من أمرك بتنفيذ مجرزة الحي اليهودي؟ ومن هو رئيس قوات الأمن الخاصة الذي وقع الأمر. على حد علمي أنا والفوهرر، لم يصدر هيملر مثل هذا الأمر مطلقًا ، فمن الذي أصدر مثل هذا الأمر دون علم ثلاثتنا؟”.
ردت تايفر بسرعة: “إنه الجنرال هانز”.
“من أعطى الأذن للجنرال هانز إذن؟”.
“هذا.. هذا ما لا أعرفه…”
“ماذا؟ ألم تتحقق من توقيعات المسؤولين على الأمر قبل تنفيذه؟”.
“كلا لقد فعلت.. لكن لم يكن عليها توقيع بإستثناء إسم الجنرال هانز”.
“هكذا إذا…” فكر شي جون لبعض الوقت ، ثم خفض رأسه فجأة ، وقال لتايفر بنبرة باردة.
“تايفر! عليك أن تعرف مدى فداحة الجرائم التي ارتكبتها. أنت لم تهددني بالسلاح فحسب. لكن الشيء الأكثر خطورة هو أنك وجهت الهولوكوست ضد اليهود دون إذن من الفوهرر، الأمر الذي يضر بشدة بمصالحنا القومية الألمانية. يجب أن تعرف أن الفوهرر وأنا نعتقد أنه لا ينبغي أن نعامل اليهود بقسوة مفرطة في هذه المرحلة ، فنحن فقط بحاجة إلى مراقبة سلوكهم وكبح المخاطر التي قد يشكلونها على الأمة الألمانية، لأنهم لا يزالون قادرين على المساهمة بسواعدهم في إحياء ألمانيا العظيمة ، فهم سيكونون قوتنا العاملة الثمينة ، وقتلك لهم دون أمر بمثابة إهدار لموارد ألمانيا!”.
“علاوة على ذلك، فإن مذبحتك ستلحق ضرراً لا يمكن إصلاحه بسمعة إمبراطوريتنا إن خرجت أخبارها. إذا علمت تلك القوى المعادية بهذه المجزرة ، فلن يدخرو جهد في إستخدامها من أجل إثارة ضجة لا ضرورة لها في العالم ، وسنكون في موقف لا نحسد عليه أمام المجتمع الدولي بأسره، ألم تفكر في هذا عندما تلقيت هذا الأمر؟ الآن أنا أسألك مرة أخرى، هل تعرف بالضبط من أعطى هذا الأمر ومن شارك أيضًا في صياغة هذه الخطة؟ المخططين والقادة وراء هذا الحادث قد يكونون هم نفسهم من تآمر لقتلي. وهم أعداء لألمانيا، أخذ الجنرال هانز على عاتقه قسط كبيرا من هذا الذنب ويجب القبض عليه، لكن عليك ان تعلم أنه إذا تمكن الجنرال هانز من الاعتراف بالمتواطئين الآخرين فقد يفلت من العقاب الشديد. لكنك يا عزيزي المقدم العقيد تايفر مختلف، إذا لم تضع أمامي ورقة بأسماء هؤلاء المخططين ، فعد نفسك ميتا!”.
لقد صُدم تايفر ورتجف ، كان رد فعل نائب الفوهرر خارجا عن نطاق توقعاته. نائب الفوهرر الذي كان يتحدث للتو بتعبير لطيف عاد لكونه بارد لا يرحم، مما جعل تايفر عاجلا عن الرد. جلس هناك في حالة ذهول ولم يستطع النطق بكلمة واحدة ، كان ذهن تايفر يعصف بذعر عندما استدار يائسًا ، أراد أن يفهم سبب التغير الذي طرأ على موقف نائب الفوهرر من قضيته.
بشكل غير متوقع ، عندما رأى شي جون تايفر متجمدا في مقعده هناك يتصبب عرقًا بغزارة ويحدق به ، تغير تعبيره مرة أخرى ، وفجأة إيبتسم وقال لتايفر بلكنة ودودة : “أولاً، لا تكن متوترا للغاية، فقد إرتكبت عصيان عظيما ، لكنك لا تزال تملك فرصة للتكفير عنه. الأمر سهل، سأمنحك فرصة للقيام بأداء يستحق أن أسامحك بفضله. حيث سأترك أمر إعتقال هؤلاء على عاتقك أنت والعقيد دوجان، وسيكون استجوابهم من مسؤوليتك. ومن أجل إكمال ذلك يمكنني ترقيتك إلى رتبة نقيب SS ، قائد القوات الخاصة في وارسو ما قولك؟”.
حينها فهم تايفر أخيرًا مغزا كلمات شي جون ، وللحظة لم يكن لديه سوى إعجاب لا يُضاهى بنائب الفوهرر في ذهنه. إن سعادة نائب الفوهرر هو بالفعل متآمر عظيم ، وغرضه واضح وضوح الشمس، يريد استخدامه للقيام بعملية تطهير كبيرة لمسؤولي قوات الأمن الخاصة في بولندا. يبدو أن هؤلاء الرجال سيئي الحظ قد أرتكبو غلطة عمرهم بالإساءة إلى نائب الفوهرر الشاب.
الآن كانت هذه فرصة لا تعوض أمام تايفر، طالما أنه يتصرف وفقًا لرغبات نائب الفوهرر ولا يخذله، فلا يمكنه فقط نيل السماح الذي يحتاجه للنجات من الكارثة، ولكن أيضًا يمكنه أن يكون قريبًا من الجانب الحسن لنائب الفوهرر ، وهو أمر لم يحلم به أبدًا. طالما أنه أتبع نائب الفوهرر بإخلاص من كل قلبه، وطالما أن نائب الفوهرر كان راضٍ عنه ، فمن المحتم تمامًا أن تفتح أبواب المستقبل المزهر على مصرعيها أمامه.
كم من شخص سيحصل على فرصة لخدمة نائب الفوهرر مباشرة ، كيف يمكنه التخلي عن مثل هذه الفرصة بسهولة. لكن في هذه الحالة ، سيكون حبل نائب الفوهرر مشدود حول رقبته، وفي الصف الذي يقف فيه نائب الفوهرر، يجب أن يكون هو أيضا فيه، وإذا وقع ما يخشاه في المستقبل-… بوصول تفكير تايفر إلى هذه النقطة، طرد كل أفكاره ذات الصلة ، ألعاب الكبار هذه لا تعنيه. لا يجب عليه التفكير فيها، ذكر نفسه.
لا توجد قوة ثانية في ألمانيا يمكن أن يكون لديها نفس القدر من الأيدي الخفية مثل نائب الفوهرر ، طالما أنه يتبعه ، فلا داعي للقلق بشأن أي شيء آخر.
كان تايفر مصممًا على أن يثبت لسيده الجديد قدرته وولائه. وقف فجأة مثل الزنبرك وقال بصوت عالٍ : “سيدي! فخامة نائب الفوهرر! أفهم ما تقصده. أقسم أنني سأستخدم أفعالي المتمثلة في وضع رؤوس هؤلاء الخونة أمامك على طبق للتعبير عن امتناني لك لكرمكم وتسامحكم. وأرجو أن تقبل قسم ولائي المتواضع!”.
-نهاية الفصل-
القراء الأعزاء، لدي أخبار سيئة، سأضر إلى السفر في مهمة عمل عاجلة غدا أو بعد غد، لن أتمكن من رفع أي فصول لإسبوعين على الأقل، لكنني لن أنساكم يا رفاق، سأترجم الفصول في وقت فراغي خلال السفر، ثم سأرفعها حين أعود، لذا إنتظروني بدفعة إعتذارية محترمة! لنعتبر الأمر أشبه بترك الفصول لتتراكم، فأنا لن أتخلى عن الرواية دون إشعار، هذا ضد مبادئي، لذا لا داعي للقلق حسناً؟
شكرا على تفهمك! أتمنى أني لم أترككم في مكان سيئ نوعا ما؟